الناصرة - موقع الفادي
كتب الأب رأفت أبو النصر
تعتبر العذراء مريم شخصية محورية في تاريخ الكنيسة المسيحية، فهي الأم الطاهرة للرب يسوع المسيح وأيقونة النقاء والإيمان. لقد تميزت مريم بمكانة رفيعة في كل العصور المسيحية، حيث يتم التأكيد على دورها في الكنيسة ودورها الروحي العميق في حياة المؤمنين. ترتبط مريم في الكتاب المقدس بصفتها “أم الله”، وهو لقب يُعبّر عن الدور المميز الذي تلعبه في الخلاص البشري من خلال ولادتها للمسيح، وهي قمة حب الله للبشرية.
تعتبر الكنيسة الكاثوليكية والعالم المسيحي مريم مصدرًا للتأمل الروحي، والنمو الروحي، والإيمان العميق. يُحتفل بمريم ليس فقط كأم للرب، بل أيضًا كمثال حي للتواضع والطاعة والصبر، وتُعتبر شفيعة المؤمنين جميعًا.
العذراء مريم في شهر الوردية المقدسة
يُعتبر شهر تشرين الاول شهر الوردية المقدسة في الكنيسة الكاثوليكية، حيث يخصص المؤمنون هذا الشهر للصلاة بتلاوة الوردية. الوردية هي صلاة تأملية تُركّز على حياتها وأحداثها الرئيسية، تأملاً بحياة السيد المسيح، وهي وسيلة للمؤمنين للتواصل الروحي مع العذراء مريم، طلبًا للمساعدة والتوجيه في حياتهم الروحية موجهين النظر دائمًا نحو مبدإ الايمان ومكمله يسوع.
تتكون الوردية من سلسلة من الترانيم والصلاة التي تعكس مراحل حياة مريم وحياة يسوع المسيح، حيث يشمل ذلك الفرح، والحزن، والمجد، والنور. وبهذا الشكل، يجسد هذا الشهر مفهوم الشكر والتمجيد لله على دور مريم في طاعتها الكليّة لله الاب ، وكذلك يدعو المؤمنين للتأمل في السر العميق للعلاقة بين الإيمان والرحمة.
إضافة إلى ذلك، فإن الوردية تمثل في جوهرها دعوة للمؤمنين للرجوع إلى مريم كأم رحيمة وشفيعة حارة في النجدات، حيث يُنظر إليها كوسيلة لتوجيه النفوس نحو المسيح، وتقديمها العون في السعي نحو القداسة والتوبة.
يوبيل الرجاء: الشهادة للرب يسوع من خلال مريم
يعد يوبيل الرجاء أحد الفترات التي فيها تركز الكنيسة على تجديد الإيمان المسيحي وتعميق العلاقة مع الله من خلال ممارسة الرجاء المسيحي في حياتنا اليومية. الارتباط بين يوبيل الرجاء والعذراء مريم ليس عميقًا فحسب، بل يعبّر عن الحضور المستمر لمريم في شهادة المسيحيين للإيمان. مريم، على الرغم من آلامها ومصاعبها، كانت دائمًا نموذجًا للرجاء والصبر والثقة في الله.
لقد كانت مريم، من خلال تجسيدها للرجاء، دائمًا الشاهدة الحية على تجسد المسيح، وعلى حياة الإيمان التي لا تُقهر في وجه التحديات. في كل لحظة من لحظات حياتها، وخاصة في لحظة الصليب، كانت تُظهر للمؤمنين كيف يمكنهم الحفاظ على الرجاء في الله مهما كانت الظروف.
في يوبيل الرجاء، نُدعى جميعًا للمشاركة في هذا الرجاء الذي أضاءت لنا مريم الطريق إليه. نحن نُشجّع على أن نكون شهودًا للمسيح كما كانت مريم شاهدة في حياتها من خلال الصلاة، والتوبة، والإيمان بالأمل في الخلاص.
خاتمة
إن العذراء مريم في الكنيسة ليست مجرد شخصية تاريخية أو دينية، بل هي مصدر إلهام حي للمؤمنين في العالم أجمع. وفي شهر الوردية المقدسة، نحتفل بتأمل عميق في حياتها الروحية، في حين نعيش في يوبيل الرجاء، الذي يعمّق فهمنا للشهادة الحية التي قدمتها مريم لربنا يسوع المسيح.
من خلال هذا الربط بين شهر الوردية ويوبيل الرجاء، يُمكن للمؤمنين أن يجدوا في مريم مثالاً رائعًا للإيمان والصبر والرجاء الذي لا يتزعزع، كما يُمكنهم أن يختبروا معنى الشهادة الحقيقية لله من خلال حياتهم الروحية.
عن الزملاء " راديو مريم من الناصرة"

 
  
No comments:
Post a Comment