آية اليوم

Post Top Ad

Your Ad Spot

Wednesday, June 11, 2025

الطابغة، على ضفاف الرحمة: حيث شُفي بطرس وانطلقت الرسالة من جديد

 القدس - موقع الفادي

 في السادس من يونيو/حزيران، وعلى ضفاف بحيرة طبرية، احتفل رهبان حراسة الأرض المقدسة، إلى جانب مؤمنين من المناطق المجاورة، بقداس احتفالي في كنيسة أولوية بطرس، في المكان الذي التقى فيه يسوع القائم من بين الأموات بالرسول بطرس بعد سقطته، بحسب التقليد. وقد جمع القداس، الذي ترأسه حارس الأرض المقدسة، الأب فرانشيسكو باتون، الحجاج والرهبان والمؤمنين المحليين في لحظة صلاة وتأمل على ضفاف البحيرة.

"يعود القائم من بين الأموات ليُعيد وصل الخيط المنقطع"، كانت هذه الكلمات التي افتتح بها الأب إبراهيم صباغ، كاهن رعية الناصرة، عظته، مُشيرًا في حوار المسيح وبطرس ليس فقط إلى جوهر الإنجيل، بل وإلى جوهر كل رحلة إنسانية تتسم بالهشاشة والسقوط والرغبة في المصالحة

 مكانٌ محفورٌ في ذاكرة الإيمان

أما مزار الطابغة، والمعروف قديمًا باسم هيبتابيغون، أي مكان "الينابيع السبع"، فهو عبارة عن واحة صغيرة خضراء تقع على الشاطئ الشمالي الغربي لبحيرة جناسرت (طبريا أو بحر الجليل). في هذه الزاوية من الجليل، لا يزال المرء يستنشق عبير القصص الانجيلية. هنا وقعت بحسب التقليد حادثتين مهمتين من العهد الجديد: تكثير الخبز والسمك، والحوار بين يسوع وبطرس بعد القيامة، حيث عهد الرب إلى الرسول مجددًا بمهمة رعاية خرافه، قائلاً: "ارع خرافي".

أما كنيسة التكثير (المُوكلة إلى الرهبان البندكتينيين) فهي مبنيةٌ على أنقاض بازيليكا بيزنطية تعود إلى القرن الرابع، وتضم فسيفساءً راقيةً تُصوّر الخبز والسمك، رمزًا صامتًا للوفرة والمشاركة. على بُعد دقائق سيرًا على الأقدام، تقع كنيسة الأولوية، أولوية القديس بطرس، المبنية من حجر بازلتي داكن، عند شواطيء البحيرة مباشرة. هنا، على الشاطئ، استمع بطرس إلى الأسئلة الثلاثة التي غيّرت حياته.

قلب بطرس المجروح

أعا الأب إبراهيم في عظته رسم الملامح العميقة لتلك اللحظة. "لعلّ بطرس لم ينجح بعد في مسامحة نفسه". التلميذ، الذي وعد بالوفاء ثم أنكر معلمه، كان تائهاً. مع أنه رأى يسوع القائم من بين الأموات، إلا أن الفصح لم يكن قد تحقق بعد في قلبه.

يسوع، عالم بكل شيء، لم يكتفِ بمجرد الترحيب به. بل ذهب أبعد من ذلك. "يسوع لم يلغِ دعوة بطرس بسبب سقوطه، بل جعلها أكثر نضجاً وصلابة بعد اختباره للضعف"، تابع كاهن رعية الناصرة. هنا تحدث المعجزة الأعظم - ليست معجزة الصيد الوفير، بل معجزة شفاء الحب المجروح.

بيداغوجية أو التربية على الرحمة

في الحوار بين يسوع وبطرس، تُختار كل كلمة بعناية. على سؤال "أتحبني؟"، يُجيب بطرس بصدق، مع وعيه أيضاً بمحدوديته. في المرة الثالثة، عندما نزل يسوع إلى مستوى بطرس واستخدم الفعل اليوناني "فيلين"، الذي يعني المحبة الأخوية، حزن بطرس - ليس من باب الشك، بل من باب التواضع: "يا رب، أنت تعلم كل شيء... أنت تعلم أنني أحبك".

"يسير بطرس في هذه المحبة بخطوات صغيرة لكنها ثابتة"، أكد الأب إبراهيم. لم يعد الأمر حماسًا مندفعًا، بل محبة طهّرها السقوط ورفعتها النعمة.

الرسالة تولد جديداً من الجرح

في تلك اللحظة، جدد يسوع الرسالة: "ارع خرافي". لم يكن غفرانًا بسيطًا، بل تكليفًا بالمهمة من جديد. أصبح بطرس، التلميذ الذي خان، أساساً للكنيسة. وأصبحت أدنى نقطة في قصته الشخصية، نقطة انطلاق لدعوة أقوى وأصدق وأكثر إنسانية.

"المسيح قام! - حقًا قام!" أعلن الأب إبراهيم في ختام عظته. "ويستطيع بطرس أن يصرخ بذلك، لأنه اختبر هذه القيامة في داخله، ليس كحدث خارجي، بل كقوة شفاء وتحرير."

No comments:

Post a Comment

Post Top Ad

Your Ad Spot