القدس - موقع الفادي
بقلم الاب سيمون بيترو حرو الفرنسيسكاني
القديس يوسف البتول هو مثال حي للطاعة والاتكال الكامل على الله. حياته تجسد الإيمان العميق والتواضع والصمت المليء بالحكمة، فهو الرجل الذي اختاره الله ليكون حارسًا لعائلته الإلهية على الأرض.
١- يوسف البار: نموذج الإيمان والصمت:
وُصف يوسف في الكتاب المقدس بأنه "بار"، وهذه الصفة تعكس استقامته الروحية وطاعته لشريعة الله. لم يكن رجلًا كثير الكلام، بل كانت حياته شهادة صامتة للثقة الكاملة بالعناية الإلهية. عندما اكتشف أن مريم حبلى دون أن يعرف السر الإلهي، لم يشأ أن يشهرها، بل فكر في تخليتها سرًا، مما يدل على محبته ورحمته. ولكن عندما أتى الملاك وأوضح له إرادة الله، لم يتردد لحظة، بل أخذ مريم إلى بيته، مطيعًا صوت الله دون تردد.
٢- يوسف الأب الحامي والمربي الأمين:
رغم قلة ذكره في الإنجيل، إلا أن دوره كان جوهريًا في تدبير الخلاص. كان الأب الأرضي ليسوع، الذي رعاه وحماه من الخطر، كما ظهر ذلك عندما أمره الملاك بالهرب إلى مصر لينقذ الطفل يسوع من هيرودس. عاش يوسف هذه الرسالة كأب حقيقي، يعمل بجد كنجار ليؤمن لعائلته حياة كريمة، وينقل ليسوع القيم والمبادئ، وهو الذي كان شاهدًا لنمو يسوع في الحكمة والقامة والنعمة أمام الله والناس.
٣- يوسف العامل الصامت والقديس الخفي:
لم يسعَ يوسف وراء المجد الشخصي أو الألقاب، بل عاش حياته في الخفاء، مؤديًا واجبه بأمانة وإخلاص. عمله في النجارة كان وسيلة لكسب العيش، لكنه كان أيضًا مشاركة في عمل الله الخالق، حيث عملت يداه في تحويل الخشب إلى أدوات نافعة، كما عمل قلبه في تنشئة الطفل الإلهي ليكون نورًا للأمم.
٤- يوسف شفيع الأسر المسيحية:
لأنه كان زوجًا أمينًا وأبًا محبًا، فإن الكنيسة تكرمه كشفيع للعائلات، فهو الذي عاش حياة عائلية مقدسة مع مريم ويسوع، واضعًا الله في مركز حياته. لهذا السبب، تلجأ إليه الأسر المسيحية في أزماتها، طالبة شفاعته ليحفظها من المخاطر، ويقودها نحو السلام والقداسة.
حياة القديس يوسف تعلمنا أن العظمة الحقيقية ليست في الشهرة أو القوة، بل في الأمانة لدعوة الله، وفي خدمة الآخرين بمحبة وصمت. فلنطلب من القديس يوسف أن يعلمنا الطاعة، الاتكال على العناية الإلهية، والالتزام برسالتنا في الحياة، أيا كانت، بروح من التواضع والرجاء.
يا قديس يوسف البتول، يا شفيع الأسر، صلِّ لأجلنا.
كل عام وأنتم بعيد القديس يوسف بخير.
No comments:
Post a Comment