جنين - خاص موقع الفادي
كتبت مريانة فضة
مع بداية شهر ديسمبر، يدخل المسيحيون مرحلة مميزة تُعرف باسم زمن المجيء، وهي فترة انتظار مليئة بالأمل والفرح الروحي. يُعد هذا الزمن أكثر من مجرد تحضير للاحتفال بعيد الميلاد، فهو يمثل دعوة للتأمل والتوبة وتجديد القلب بالسلام والمحبة. ففي هذا الوقت، يُذكّر المسيحيون بأن المسيح، نور العالم، على وشك أن يولد، وأن كل لحظة في هذا الانتظار تمثل فرصة للتقرب منه ومن الآخرين.
زمن المجيء هو فترة للتحضير الروحي لاستقبال المسيح، ويمثل دعوة للتفكر في محبته الإلهية، وللتوبة عن الأخطاء، ولزرع الخير في حياتنا وحياة من حولنا. خلال هذه الفترة، يولي المؤمنون اهتمامًا خاصًا للصلاة والعمل الصالح، ويحرصون على مشاركة الفرح والمحبة مع الآخرين. إن كل يوم في زمن المجيء يذكّر بأن المحبة قادرة على إنارة القلوب قبل أي نور خارجي.
من الرموز المهمة في هذا الزمن إكليل المجيء، وهو دائرة من الخضرة الطبيعية تحتوي على أربع شموع تُضاء تدريجيًا كل أسبوع. ترمز الخضرة إلى الحياة الأبدية، فيما تشير الشموع إلى النور المتزايد الذي يجلبه المسيح. لكل شمعة معنى خاص، فالشمعة الأولى تمثل الرجاء، والثانية المحبة، والثالثة الفرح، والرابعة السلام، وكلها تهدف إلى إعداد القلوب لميلاد المسيح.
كما تُزين البيوت والشوارع شجرة الميلاد والزينة، لتضفي جوًا من البهجة والدفء، وتذكّر الجميع بأن ميلاد المسيح يجلب النور والفرح إلى حياتهم. ويعلّم تقويم المجيء الصبر والانتظار، إذ يتم فتح نافذة صغيرة يوميًا للاحتفاء بالحب والخير.
ويُعد اللون البنفسجي في الكنائس والزينة من الرموز الهامة، حيث يرمز إلى التوبة والاستعداد الروحي، ويحفز المؤمنين على التأمل في حياتهم قبل استقبال المسيح. كما تذكرنا الملائكة بالرسالة السماوية للفرح بميلاد المسيح، وأن الله يرسل ملائكته لإبلاغ البشر بالخبر السعيد. وتُعد النجمة، التي توضع على قمة شجرة الميلاد، تذكيرًا بـ"نجمة بيت لحم" التي أرشدت الرعاة والمجوس نحو مكان ميلاد يسوع، وتشجع على السير في طريق النور والمحبة.
وأخيرًا، تُعبر الهدايا الرمزية التي يتبادلها الأهل والأصدقاء عن المحبة والعطاء، وتذكّر بأن الميلاد هو وقت لمشاركة النعم والفرح مع الآخرين. إن جميع هذه الرموز تجعل من زمن المجيء فترة مليئة بالحب والرجاء والفرح الداخلي، وتساعد المؤمنين على الاستعداد لاستقبال قلب مملوء بالنور والسلام عند قدوم المسيح.
إن ديسمبر ليس مجرد شهر تقويمي، بل هو فترة روحية عميقة مليئة بالفرح الداخلي. يمثل وقتًا للتحضير لاستقبال ميلاد يسوع المسيح، الذي جاء ليملأ العالم بالنور والمحبة والسلام. خلال أيام المجيء، يركز المسيحيون على الصلاة والتأمل والعمل الصالح، لفتح قلوبهم للرجاء الحقيقي. يحمل كل يوم رسالة مفادها أن المسيح قادم، وأن نوره قادر على إنارة حياتنا مهما واجهنا من تحديات. كما يشكل هذا الشهر فرصة لتقوية العلاقة بالله، وتعزيز المحبة والاهتمام بالعائلة والأصدقاء، وزرع الفرح والسلام في كل مكان، إذ إن ميلاد المسيح هو البداية الحقيقية لكل فرح حقيقي في حياة الإنسان.

No comments:
Post a Comment