آية اليوم


Tuesday, October 28, 2025

"هل أصبحت غزة سلعة بأيدي المنتفعين المتخاذلين؟".

 


القدس - موقع الفادي

كتب الأب سيمون بيترو حرو الفرنسيسكاني.

غزة، تلك الجرح المفتوح في خاصرة العالم، لم تعد فقط ساحة صراع، بل صارت في أعين البعض «صفقة»، تُقاس بالمصالح وتُعرض على موائد المفاوضات كأنها بضاعة في سوق النخاسة السياسية.
ما أقسى أن تُختزل آلام الأطفال، وأنين الأمهات، ودماء الشهداء في أرقام تُتداول بين المنتفعين والمتخاذلين، وكأن حياة الإنسان فقدت معناها، وكأن الكرامة يمكن أن تُباع وتشترى!
لقد تحولت بعض المنابر إلى أسواق، تُعلن فيها المواقف بالمزايدة لا بالمروءة، وتُباع فيها المبادئ بأبخس الأثمان. يتحدثون عن الإعمار كمن يتحدث عن صفقة تجارية، وعن الهدوء كمن يفاوض على «فترة راحة» بين جولتين من تجارة الدم.
أيُعقل أن تُصبح غزة سلعة؟ أن تُختصر المأساة في بيانات وتصريحات ووعود مؤجلة؟ أين الضمير الإنساني؟ أين العدل الذي يغيب كلما علا صوت الدولار؟
غزة ليست رقعة أرض تُباع، ولا قضية تُساوم، ولا ورقة تُستغل في صفقات المنتفعين. غزة وجع العالم، نبض الإنسانية الموجوع، وصوت الصامتين في وجه الزيف.
هي التي تُعلّمنا أن الكرامة لا تُشترى، وأن المقاومة ليست ترفًا، وأن من يساوم على الألم إنما يبيع نفسه قبل أن يبيعها.
يا غزة، سيبقى صوتك فوق كل الأصوات، وسيبقى ترابك الطاهر شاهدًا على من باع ومن وقف، على من خان ومن صمد.
ستظلينِ الحقيقة التي لا تُشترى، والكرامة التي لا تُساوم، والنور الذي لا يُطفئه تواطؤ الظلام.
✍️ بيان إلى الضمير الإنساني:
إلى الضمير الإنساني الذي ما زال يتنفس بين ركام اللامبالاة،
كفى صمتًا! فالصمت على الظلم مشاركة فيه، والتخاذل تواطؤ، والمشاهدة دون فعل خيانة للإنسانية.
غزة ليست رقعة جغرافية بعيدة عنك، إنها مرآتك، فيها يُختبر ضميرك، ويُقاس مدى إنسانيتك.
إن تركنا غزة تموت بصمت، سيموت فينا ما تبقّى من إنسان.
يا قادة العالم، يا من تدّعون الدفاع عن القيم، أوقفوا المتاجرة بالألم، واصغوا لصوت العدالة قبل أن يصمّكم صراخ الأبرياء.
غزة لا تطلب شفقة، بل كرامة. لا تسأل صدقة، بل حقًّا.
والتاريخ لن يرحم من باعها، كما لن ينسى من صمد لأجلها.

No comments:

Post a Comment

Post Top Ad

Your Ad Spot