آية اليوم

Tuesday, September 2, 2025

كيف يخطط معمدانيّ من الناصرة ان يوّحد الانجيليين في العالم

 


الناصرة - موقع الفادي

عيّن الاتحاد الإنجيلي العالمي (WEA) الأسبوع الماضي بطرس منصور كالامين العام والمدير التنفيذي  لهذه الهيئة العالمية. انها اول مرة سوف يقود بها مسيحي عربي الاتحاد الانجيلي العالمي وهي جمعية عالمية تحوي اتحادات وطنية وإقليمية تمثل 600 مليون انجيلي.

شغر هذا المنصب منذ ان استقال الأمين العام السابق توماس شيرماخر نظرًا لأسباب طبية في آذار من العام الماضي. وقالت بيرونج لين وهي نائب الأمين العام للاتحاد الانجيلي العالمي للمسيحية اليوم في نيسان ان المؤسسة تبحث عن قائد يمكنه ان يوّحد الانجيليين العالميين في خضم حروب وانقسامات سياسية. في ذات الوقت واجهت الهيئة الانتقادات حول ” عدم وضوح لاهوتي” وحول تعاونها مع بروتستانت من التيار المركزي والكاثوليك.

منصور، محام ويعمل كمدير تنفيذيّ في المدرسة المعمدانية في الناصرة وهو شيخ ومؤسس مشارك للكنيسة المعمدانية المحلية في الناصرة وهو ايضًا مترجم في المسيحية اليوم للعربية. كما شغل مناصب قيادية عديدة أخرى في الكنائس وهيئات كنسية، بضمن ذلك مجمع الكنائس الانجيلية في إسرائيل، اتحاد المجامع الانجيلية في الأردن والأراضي المقدسة، المدارس المسيحية في اسرائيل، جمعية ادفوكتس انترناشونال، ومبادرة لوزان للمصالحة إسرائيل- فلسطين.

يؤمن منصور الذي يعيش في الناصرة في إسرائيل مع زوجته واولاده البالغين الثلاثة، ان خلفيته كعربي إسرائيلي انجيلي- خلفية يصفها بأنها “اقلية داخل اقلية داخل اقلية”- قد زوّدته في الخبرة الضرورية ليستلم هذا الدور في زمن الانقسام. سوف يستلم الدور رسميًا خلال الاجتماع العام للاتحاد الانجيلي العالمي في تشرين اول.

 قابلت المسيحية اليوم منصور حول نشأته وعمله في المصالحة بين العرب المسيحيين واليهود المسيحيين (المسيانيين) وحول خططه لمواجهة التحديات التي تواجه الاتحاد الإنجيلي العالمي. وقد تمّ تحرير المقابلة لاجل وضوحها وطولها.

هل يمكنك ان تحدثنا عن خلفيتك؟

ولدتُ لاب من الروم الملكيين الكاثوليك وام من الروم الارثوذكس. لم يكن والديّ متدينين رغم ان امي تخرجت من المدرسة المعمدانية في الناصرة وأصبحت معلمة فيها. والدي انهي الصف السابع فقط، لكنه توجه ليتعلم العبرية في كيبوتس ولاحقًا أصبح اول عربي فلسطيني يعمل في صحيفة عبرية إسرائيلية، في البداية في مجلة هعولام هازيه وبعدها ولمدة ثلاثين عامًا في صحيفة هآرتس.

ولدتُ في الناصرة عام 1965 وحين نشبت حرب الأيام الستة بعدها بسنتين، أخبرت الصحيفة والدي انهم بحاجة لصحفي يتكلم العربية ليغطي أخبار الضفة الغربية والقدس الشرقية، لذا انتقلت العائلة للسكن في مدينة القدس.

بعد أربعة أعوام في القدس، تسلم والدي منحة للدراسة في جامعة أكسفورد وهناك تعلمت انا الصفين، الأول والثاني. في عام 1973، وحال عودتنا الى الناصرة، اصرّت والدتي ان نرتاد المدرسة المعمدانية في المدينة، حيث درست هي وعملت كمعلمة.

كيف أصبحت مؤمنًا مسيحيًا؟

حين كنت في الحادية عشر من عمري، عرف معلم الكتاب المقدس في المدرسة أني أنا وزملائي في الصف نحب ممارسة لعبة كرة القدم. لذا قال لنا يمكنكم لعب كرة القدم في الملعب بعد المدرسة شريطةَ ان نحضر الاجتماعات الانتعاشية في الكنيسة المجاورة. وافقنا. في تلك الليلة، شرح الواعظ الأمريكي كيف ان نعمة الله المجانية وهي ليست شيئًا تحصل عليه إنّما هو امر تقبله. عندما قُدِّمَت الدعوة في نهاية الخدمة، تقدمت للأمام للمرة الأولى. لكنني كنت صغير السن لذا لا اعتقد ان تصميمي كان حقيقيًا.

بعد ثلاثة اعوام، حضر واعظ لبناني امريكي للوعظ في اجتماع انتعاشي آخر. وكان أسلوبه ترهيب الناس الى الملكوت: كان يقدم قصصًا هيتشكوكية عن أناس رفضوا قبول يسوع وماتوا بعدها في حادث. كرست نفسي للرب في ذلك الاجتماع في 1979. من هناك انضممت لمجموعة اجتماع الشباب للطلاب الثانويين. مسيرتي كانت مسيرة طلوع ونزول، لكن نشكر الله انني ما زلت اسير مع الرب.

بعد المدرسة الثانوية، درست الحقوق في الجامعة العبرية في القدس وفي الجامعة التقيت بزوجتك عبير- وكنت منخرطًا يومها في خدمة الطلاب في رابطة الطلاب المسيحيين في إسرائيل. كيف ساعدتك مصادقة أناس من خلفيات مختلفة، في رؤية أهمية المصالحة المسيحية؟

اعتقد انه أمر غير كتابي وغير عملي القول: “أريد أن ألتقي بأشخاص من نوعيّتي وحسب ذوقي فقط”. اننا نعيش في هذه البلاد التي فيها هذا الانقسام وهذا الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين. لكن في ذات الوقت، جسد المسيح يتألف من العرب الفلسطينيين واليهود المسيحيين والأجانب المسيحيين الذين يعيشون في البلاد. احد الأمور الجيدة في خدمة الطلاب الجامعيين انها تحوي مجموعات من العرب المسيحيين واليهود المسيحيين إضافة لمؤتمرات مشتركة. كانت لديهم بعض الصراعات بين حينٍ وآخر، لكن بشكل عام، انه نموذج جيد للشراكة”.

نظرًا أن والدي عمل مع اشخاص يهود في الجريدة، فقد كانوا يزورونا في بيتنا أيام نشأتنا. ليس لدي شكوك او عداوة تجاه اليهود التي قد تكون عند العرب بسبب الصراع المستمر. الامر طبيعي بالنسبة لي. لا يوجد لدينا أي خيار الا ان نعيش معًا كعرب ويهود في هذه البلاد. وان نعيش تلك الشهادة، هو أكثر أهمية بين المؤمنين.

هذا النوع من العمل ليس دائمًا بتلك السلاسة. في أوقات الحرب، تتمسك كل مجموعة بتوجهاتها القومية ويميل المؤمنون لتبني تلك العقلية ايضًا. انك تشعر بالثقل والمرارة حتى حين تستمتع بالعلاقات الحلوة.

في عام 2016 استضافت مبادرة لوزان للمصالحة في إسرائيل وفلسطين -التي كنتَ رئيسًا مشاركًا لها- مؤتمرًا، جمعتم فيه ثلاثين فلسطيني مسيحي ويهودي مسيحي لكتابة وتوقيع بيان لارنكا الذي يؤكد وحدتهم كمؤمنين. هل تعتبر ذلك، ومحاولات أخرى للمصالحة، انها كانت ناجحة؟

سار لقاء لوزان بشكل جيد. بعض الناس تركت وهي تقول “لم نتقدم الى أي مكان”. في بعض الأحيان كانت النقاشات صعبة قليلًا وحادة بينما ناقشنا وبحثنا البيان. لكن كان ذلك مفيدًا.

في الماضي، كانت لنا عدة مؤتمرات التي جمعنا فيها العرب واليهود للحديث بانفتاح ولمشاركة كلٍّ منهم سرديته واحلامه وآماله ومخاوفه. احيانًا تخاف من الطرف الآخر وتظنه وحشًا. لكن كل انسان مخلوق على صورة الله.

في نهاية المطاف، ليس من المفروض ان يشعر أيّ شخصٍ كان بالإساءة او ان يأخذ الامر بشكل شخصي. نحن نتحدث في مواضيع عسيرة فمن هنا فمن الطبيعي ان تكون صعبة. أحب شعبي الفلسطيني واتألم لما يحدث في غزة، لكن ذلك لا يعني أني لا اتحدث مع اخوتي واخواتي اليهود المسيحيين واحاول الاستماع الى قناعاتهم.

كيف ساهمت انقسامات بلدك في إعدادك لدورك الجديد كرئيس للاتحاد الإنجيلي العالمي؟

من خلال عيشي في إسرائيل، حضّرني الرب ان أحب، هذا بالإضافة لان أكون حساسًا ومنفتحًا لأناس مختلفين. لدينا طلاب مسلمين في مدرستنا إضافة لاصدقاء مسلمين وجيران. انا اعمل مع مسيحيين آخرين ويشمل ذلك غير الانجيليين وايضًا مع اليهود.

يقول الكتاب المقدس ان المحبة الكاملة تطرح الخوف الى خارج (1 يوحنا 4: 18). ان كانت لديك محبة المسيح، فعندها لديك الثقة ان تتحدث مع أناس آخرين، مسلمين كانوا أو يهودًا متزمتين. ان ذلك يفتح الباب لنا كي نقترب من بعض وان نفهم بعضنا البعض.

كإنجيلي، انا اقلية داخل العرب المسيحيين، والعرب المسيحيين هم اقلية ضمن العرب، والعرب هم اقلية في إسرائيل. كل واحدة من هذه الهويات- انجيلي، مسيحي، عربي وفلسطيني – يمكنها أن تتناقض مع الأخرى بسبب الانعكاسات السياسية والاجتماعية واللاهوتية. لكن هويتي في المسيح تتغلب عليهم جميعًا وتحضر انسجامًا في خضم التناقضات. انها تحفزني ان احضر سلامًا بين الناس والله وبضمنها بين المؤمنين.

أي دور يتوجب ان يأخذ الاتحاد الإنجيلي العالمي حين تكون صراعات بين بلدان مجامع وطنية مثل إسرائيل وفلسطين او روسيا واكرانيا؟

يتوجب ان نكون متسامحين في قبول اخوتنا واخواتنا الذين يحملون اراء مختلفة عنا لأن لدينا شيء مشترك اعظم: ايماننا ومحبتنا للمسيح ومحبتنا للكتاب المقدس ورغبتنا ان الناس تعرف يسوع.

جلس يسوع مع المرأة السامرية عند البئر- بينما حملت معها كل وزرها وتاريخها- ومع جابي الضرائب. اذا كانت هذه هي طريقة يسوع في تعامله مع غير المؤمنين، فكم بالحري علينا نحن ان نعامل اخوتنا المؤمنين؟ اليس بإمكاننا ان نكون اكثر انفتاحًا واكثر تسامحًا تجاه بعضنا البعض في مواضيع ثانوية؟

قال يسوع ان الناس ستعرفنا من خلال محبتنا أحدنا للأخر (يوحنا 13: 35). ان كان بإمكاننا ان نختلف على السياسة او اللاهوت ونبقى محبين لبعضنا البعض، فان هذا سيكون شهادة عظيمة للناس خارج المعسكر الإنجيلي.

بعض الانجيليين عارضوا انخراط الاتحاد الإنجيلي العالمي في المساعي بين الأديان او في التعاون مع مجموعات المسيحيين من غير الانجيليين. كيف ترى دور الاتحاد الإنجيلي العالمي في ذلك العمل؟

الحوار بين الأديان جيد لكنه لا يتوجب ان يكون تركيز الاتحاد الإنجيلي العالمي. يتوجب ان يكون التركيز على العمل مع اتحاداتنا الوطنية والإقليمية.

لا ضير لنا في حوار مع الكاثوليك او مع مجلس الكنائس العالمي. هذا لا يعني اننا سنصبح مثلهم او انهم سيصبحون مشابهين لنا، لكن على الأقل سيمنحنا الامكانية ان نفتح قناة للحوار معهم. كذلك الأمر مع مجموعات دينية أخرى.

هذا أمر هام للإنجيليين الذين يعيشون في دول حيث هم اقلية. “بين الأديان” ليست كلمة سيئة. هي لا تعني اننا نتحدث إليهم لكي نصبح ذوي دين موحَّد واحد. لدينا ايمان مختلف. قناعاتنا قوية. نحن نؤمن في الكتاب المقدس؛ نحن نؤمن في يسوع. ان كان بإمكاننا ان نكون بركة ونفتح قنوات تواصل من التعاون، فان ذلك ليس بأمرٍ سيِّء.

لماذا الاتحاد الإنجيلي العالمي ما زال ذو صلة لنا اليوم؟

انه الممثل لمئات الملايين حول العالم. باستشارة أناس اكثر حكمة مني سأحاول ان احضر صوت الأغلبية الساحقة للإنجيليين في مواضيع مثل الحرية الدينية، قداسة الحياة، السلام والعدل.

تحديات الانجيليين في أمريكا، او الصين، او إسرائيل او انغولا تختلف الواحدة عن الأخرى. سوف اترك الامر للاتحاد الوطني في كل دولة ان يشخّص تحدياته وان يحاول مواجهتها، ولكن سوف نشجعهم وان أمكن سنحاول دعمهم.

في الدول التي يشكل فيها الانجيليون أقليات، يواجه الكثيرون تقييدات على الحريات الدينية. من الممكن ان نساعد، ربما عن طريق التواصل مع المسؤولين الحكوميين او بوساطة الاستعانة باتحاد وطني آخر للمساعدة. من الممكن ان نجمع الانجيليين حول العالم لأجل الصلاة.

كيف يمكن ان يصلي المؤمنون لك بينما تستلم هذا الموقع الجديد؟

يسعدني جدًا ان يقوم الناس بالصلاة لاجلي حتى أقوم بعملي على احسن وجه. انه دور حساس جدًا وهام. بامكانه ان يساهم في معاونة الكنيسة وتشجيعها واحضار المؤمنين والكنائس والاتحادات مع بعض وهذا امر عظيم.

سوف يترتب علي، في دوري هذا الكثير من السفر لذا رجاء صلوا لأجل صحتي الجسدية. ساواجه ايضًا الكثير من الضغوط النفسية والروحية.

اريد ان افعل مشيئة الرب. يمكنني القول بثقة انه فتح الباب امامي بطريقة عجيبة لسبب ما زلت استكشف كنهه. اريد ان أقوم بالعمل الذي وضعني فيه بأفضل طريقة ممكنة في سبيل تقدم الملكوت.

عن موقع المسيحية اليوم


No comments:

Post a Comment

Post Top Ad

Your Ad Spot