القدس - موقع الفادي
في السابع والثامن من حزيران 2025، احتفلت الكنيسة الكاثوليكية في القدس بعيد العنصرة، إحياءً لذكرى حلول الروح القدس على العذراء والرسل وميلاد الكنيسة في العلية. تضمنت الاحتفالات افتتاح قاعة العنصرة في مركز نوتردام، وسهرة صلاة عشية عيد العنصرة، وقداسين احتفاليين في أحد العنصرة.
افتتاح قاعة العنصرة
في مساء يوم السبت، افتتح الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، قاعة العنصرة الجديدة في مركز النوتردام في القدس، بدعوة من المطران أدولفو تيتو يلانا، القاصد الرسولي في الأرض المقدسة، والأب ديفيد ستيفي، المسؤول عن المركز. تقع القاعة في الطابق الثاني وتتميز بجدارية بانورامية مذهلة بزاوية 360 درجة رسمها الفنان التشيلي دانيال كاريولا، تغطي 217 مترًا مربعًا على جميع الجدران وتمتد إلى السقف، وتصور حلول الروح القدس يوم العنصرة.
وقد استغرق رسم هذه اللوحة خمس سنوات، وتضم أكثر من 190 شخصية: كالعذراء مريم والرسل بالإضافة إلى شخصيات كتابية أخرى تغير مجرى حياتها لدى لقائها المسيح، وتنتهي بدعوة قوية للزائر ليصبح "الشاهد رقم 190+1" في المشهد.
في كلمته، أشاد غبطة الكاردينال بالقاعة كمكان ملهم يدعو إلى الصلاة والتأمل والانفتاح على الروح. وأكد على رسالة الكنيسة في القدس بأن تعيش ثمار الروح وتكون نورًا في أزمنة الظلام، قائلاً: "ما زلنا نعيش زمن العنصرة"، مذكرًا المؤمنين بأن الروح يدعو الكنيسة إلى الوحدة. "لقد نلنا عطية الروح لكي نفهم بعضنا البعض متحدين". وتحدث أيضًا عن معنى الحياة بالروح قائلاً: "بدون الروح القدس، لا رجاء حيّ. الروح هو الحياة". وأينما كان هناك عمل للخير، فهناك الروح حي، وهناك يُعلَن ملكوت الله.
سهرة صلاة في كنيسة سيدة السلام
ترأس بعدها غبطة الكاردينال سهرة صلاة في كنيسة سيدة السلام بتنظيم اتحاد الرهبانيات النسائية في الأرض المقدسة. حضرها مختلف الرهبانيات، وإكليريكية بيت جالا، وعدد من المؤمنين. تضمنت السهرة قراءات من الكتاب المقدس، وتراتيل، ولحظات من التأمل الصامت. أُشعلت الشموع وارتفعت الصلوات من أجل السلام والشفاء.
في عظته، وصف غبطة الكاردينال هذا الوقت بأنه لحظة حاسمة في إيماننا بعد الفصح، ولكن لا يمكننا فهم الفصح بدون الروح القدس، فمن خلاله ندرك أن فداء يسوع المسيح على الصليب كان نقطة تحول في التاريخ.
وخلال مسح أيدي المؤمنين بالزيت العطري، تأمل في العلاقة مع يسوع التي تمنح السلام والفرح، والتي يشعر بها من هم من حولنا. وقال إن الكنيسة مدعوة لأن تكون العروس ومسكن المسيح، مكانًا يمكن للناس فيه أن يلتقوا به شخصيًا.
وعلى الرغم من أن العالم القديم قد مضى، إلا أننا مدعوون لأن ندرك السماء والأرض الجديدة من خلال الروح، حتى هنا في القدس. وأضاف أن الروح القدس لا يجددنا من خلال كمالنا، بل من خلال استعدادنا لأن نصبح خداماً لله، وأشار قائلاً: "ككنيسة القدس، نتشارك دعوة مشتركة لكسر حواجز الخوف، والشهادة للمحبة، والعيش والتكلم بطريقة مختلفة، ليس لأننا أفضل، بل لأننا تلقينا هذه الدعوة من يسوع المسيح".
احتفالات أحد العنصرة
اختُتمت احتفالات العنصرة في مركز نوتردام بقداس احتفالي ترأسه المطران وليم شوملي، النائب البطريركي العام، بمشاركة عدد من الكهنة.
في عظته، تأمل سيادته في الحاجة المستمرة إلى الروح القدس، مؤكدًا: "ما زلنا نحتاج إلى الروح القدس اليوم بقدر ما احتاجت إليه الكنيسة الأولى". وأوضح كيف يُلهمنا الروح أن نعيش ثمار المحبة، الفرح، السلام، الصبر، اللطف، الصلاح، الأمانة، الوداعة، وضبط النفس. وشجع المؤمنين على الاستعداد من خلال الصلاة والسكينة، مثل الرسل الذين كانوا مجتمعين في العلية، متنبهين إلى صوت الله. كما أكد على دور الروح القدس الحيوي في إحياء الأسرار المقدسة، موضحًا أن الروح لا يحوّل الخبز والخمر إلى جسد ودم المسيح فحسب، بل يُحوّل المؤمنين أيضًا إلى صورة المسيح من خلال ثمار الروح.
في الوقت ذاته، ترأس غبطة الكاردينال قداس العنصرة في دير رقاد العذراء للبندكتيين، بمشاركة المطران بولس ماركوتسو، ورئيس الدير الأباتي نيكوديموس شنايبِل، والأب برنارد بوجي.
في عظته، قدَّم غبطة الكاردينال تأملًا قويًا في الروح القدس باعتباره الروح الذي يهب الحياة الكنيسة: "الروح يخرج من جنب الرب المصلوب الذي يهب لنا الحياة". وقارن ذلك بنفخة الروح في سفر التكوين، مشددًا على أن الروح لا يعتبر حدثاً إضافياً للإيماننا، بل هو مصدر قوته ورجاؤه. وأشار أيضاً أن العنصرة هي لحظة ولادة جديدة، وشفاء، واستعادة للشركة ودعوة للوحدة في عالم يمزقه الصراع.
وتحدث عن واقع الأرض المقدسة، معترفًا بالألم والانقسام واليأس، خصوصًا في غزة التي أصبحت رمزًا لألم المنطقة.
وقال: "الشعارات التي نسمعها اليوم مثل الكراهية، وانعدام الثقة، والتخلي، تتناقض تمامًا مع عطايا الروح: الوحدة، المحبة، والسلام". وحث أبناء الكنيسة على رفض الخوف والانعزال، محذرًا من حجب الروح و"إخماده والعودة إلى الموت".
واختُتم القداس بتساقط بتلات الورد من السقف، رمزًا لحلول الروح القدس على الكنيسة.
No comments:
Post a Comment