آية اليوم

Post Top Ad

Your Ad Spot

Sunday, June 29, 2025

"واخجلاه، من الأنفس الضعيفة".

 


القدس - موقع الفادي

كتب الأب سيمون حرو

واخجلاه، من أناسٍ يشبهون البشر، لكنهم يختبئون خلف ستائر الخوف، ويحنون رؤوسهم أمام الباطل، خوفًا من كلمة حق تُقال، أو موقف عدل يُتخذ.
واخجلاه، من أنفُسٍ ارتضت أن تُكمم أفواهها، وتدفن ضمائرها، وتُغلق عيونها كي لا ترى، لأن الرؤية موجعة، والحقيقة مُكلفة، والكرامة في هذا الزمان قد تُفقدك مكانك، وربما حياتك.
كم من مرة سُئل فيها أحدهم عن الظلم، فالتفّ على الجواب، أو برّره بصوت مرتجف: "أنا لا أريد المشاكل"... وكأن قول الحق مشكلة، وكأن الوقوف مع الإنسان ضد الظلم، خطرٌ لا يُحتمل!
نخجل من ضعفنا حين يصمت القلب عن النبض في وجه القهر. نخجل حين نُعلّق مواقفنا على شماعة "الحياد"، وما هو بالحياد، بل هو جُبن متقن، وخوف مغلّف بالحكمة الزائفة.
ألم نتعلّم من عبر التاريخ أن كلّ صمتٍ أمام الشر هو مشاركة فيه؟
ألم نرَ كيف تنمو الوحوش الضارية حين ينام الحراس على أسوار القيم؟
ألم ندرك بعدُ أن الصمت عن الحق خيانة للحق، وخيانة للإنسان؟
واخجلاه، من أنفسٍ تدّعي الإيمان، وتُسبّح للباري تعالى، لكنها ترتعد عندما يُذكر الظالم باسمه، أو يُطلب منها أن تشهد للحق.
يا من تخشون كلمة، اعلموا أن الكلمة تصنع نهضة، وأن الموقف يرسم مصيرًا. إن لم تُسمِّوا الأشياء بأسمائها، ستتآكل القيم الإنسانية في أرواحكم، وتغدو الحياة زيفًا بلا نور وجسدا بلا روح.
قف يا إنسان، ولو وحدك، وقل ما يجب أن يُقال، لأن الله معك، والحق لا يُخذل، وإن خذلك الناس ضعاف النفوس.
واخجلاه، من الأنفس الضعيفة... أما آن لها أن تنهض؟ أن تُشفى من جبنها، وترتقي، وتصرخ بوجه الطغيان، وتقول: "كفى!"؟
أما آن لها أن تعود إنسانًا؟
فيا أيّها الإنسان، لا تدفن صوتك في تراب الخوف، ولا تخن ضميرك لتنال رضا الزيف. الكلمة التي لا تُقال اليوم، ستبكيك غدًا، والموقف الذي لم تتخذه، سيلاحقك كظلّ خيانتك لذاتك. لا تخف من أن تكون وحدك، فالحقّ غالبٌ وإن طال الطريق، والجبان وحده يموت آلاف المرات، أما الشجاع، فيحيا حتى في موته. قل الحقيقة، حتى لو ارتجفت، وكن إنسانًا... مرة واحدة، بصدق، تكفي لتغيّر العالم.

No comments:

Post a Comment

Post Top Ad

Your Ad Spot