آية اليوم

Post Top Ad

Your Ad Spot

Wednesday, April 23, 2025

على من نترحم؟ بقلم الأب سيمون حرو.

 


اريحا - موقع الفادي

بقلم: الاب سيمون حرو

مات البابا فرنسيس…
مات الصوت الذي ارتجف للحق، وبكى مع المظلوم، ورفع راية الإنسان قبل العقيدة، والرحمة قبل الحساب.
وفيما العالم ينحني احترامًا لرجلٍ حمل أثقال البشر، لا صولجان الملوك، وفتح ذراعيه لا ليحكم، بل ليحضن، خرجت أصوات النشاز من أصحاب الفتن والتخلف والرجعية، من حناجر لا تعرف من الدين إلا قشره، ومن الرحمة إلا نقيضها.
قالوا: لا يجوز الترحم عليه، فهو "ليس منّا".
يا أيها المتخلفون…
من طلب منكم فتوى الرحمة؟
من وكّلكم عن السماء؟
من نصبكم آلهة على البشر؟
الرحمة من الله، لا تُوزّع بإذنكم، ولا تُحجب بإثمكم.
الله أرحم منكم، وأوسع قلبًا من صغائركم، وأنقى من كراهيتكم التي تلبست لباس الدين، زورًا وبهتانًا.
البابا فرنسيس، ذاك الشيخ الأبيض القلب، وقف مع فلسطين حين سكت الملوك،
دافع عن المهاجر حين أُغلقت الحدود،
رفع صوته ضد الحرب، حين اختبأ الأقوياء خلف مصالحهم.
كان صوتًا نقيًا في زمن التلوث، ضميرًا حيًا في زمن المتاجرة بالقضية الفلسطينية.
ترحمنا عليه ليس لأنه بابا الفاتيكان، ولا لأنه مسيحي، بل لأنه إنسان لم يسكت عن الحق، بل صرخ به في وجه الطغاة.
فأيّهما أحق بالرحمة؟
من قال "الحق" ولو كلفه العزل والعداء،
أم من صمت، صمت أهل القبور، مدّعيًا الإيمان، وهو شريك في الظلم والعدوان؟
يا من تحرمون الترحم على المختلف،
اتقوا الله في إنسانيتكم قبل أن تتحدثوا باسم الله.
الله لا يحتاج وكلاء حقد، ولا دعاة ظلام.
الله هو النور، هو المحبة، هو الرحمة…
ومن لا يعرف الرحمة، فكيف عرف الله؟
مات البابا،
لكن تبقى كلماته حيّة…
تُربّت على قلوبنا، وتذكّرنا أن الدين إن لم يكن رحمة،
فهو مجرد طقوس خاوية…
فترحّموا، أو اصمتوا،
فالرحمة لا تحتاج إذنًا من قلوبٍ ميتة.

No comments:

Post a Comment

Post Top Ad

Your Ad Spot