القدس - موقع الفادي
بقلم الأب سيمون حرو.
في لحظةٍ من السكون، حين يُطبق الليل بكثافته، يبدو أن الظلام قد انتصر. تتوارى النجوم خلف غيوم الخوف، وتصمت الأصوات إلا من صدى أنين الشعوب المتعبة والمثقلة بالجراح. لكن النور، ذلك العنيد الأبدي، لا يموت. إنه لا ينعس ولا ينام. يحتشد في الأعماق، يتجمّع في صدور الأحرار، يتجمّع ليولد فجراً جديداً، ويتقد ليشقّ الظلمة بشجاعة الصامتين ووهج الحالمين.
ما بين عبودية وظلم، وما بين جراح لا تُحصى، تقف النفوس المؤمنة الصامدة، رافعة رايات الرجاء، معلنة أن الحرية ليست بعيدة، وأن الكرامة ليست أمنية. إنها استحقاق من رب السموات لأبناء الأرض، أبناء الحق، الذين اختاروا أن لا ينحنوا، حتى وإن أثقلتهم سلاسل الظلم والطغيان، وخيانة المأجورين من عبيد المال والكراسي.
الظلام يصرخ من قوّته الزائفة، لكن النور يتقدّم بصمتٍ مهيب، متسلحًا بالحقيقة. وما بين صمت النور وضجيج الظلم، تُصنع لحظة الانقلاب. تلك اللحظة التي يتفتّق فيها الفجر، ويُهزم فيها الليل، وتُرفع فيها الأعلام لا على سطوح المنازل فقط، بل في القلوب أولًا.
استقلالنا آتٍ، ليس لأنه وعد السياسيين، بل لأنه نداء الروح، وزفير الأرض، وحلم الأجيال. سيأتي، لأن عالم النور لا يُهزم، ولأن الذين يحبّون الكرامة، لا يقبلون حياة العبودية.
فلنمشِ كأحرار بثقة في طريق النور، حتى وإن طال، لأن شمسه قد بدأت تُشرق، ومجده قد لاح في الأفق.
No comments:
Post a Comment