الطيبة - موقع الفادي
تحت رعاية وزير السياحة والآثار الفلسطينية، السيد هاني الحايك، نظمت كنيسة المسيح الفادي للاتين في الطيبة حفل افتتاح "بيت الأمثال" بعد ترميمه، وذلك بدعم من وزارة السياحة والآثار وصندوق الاستثمار الفلسطيني.
يجسد هذا البيت الفلسطيني التقليدي، الذي بُني قبل أكثر من 350 عامًا، الإرث الثقافي والروحي للشعب الفلسطيني. في هذا المكان، تتلاقى روايات الكتاب المقدس وأمثال السيد المسيح مع عمق التراث المسيحي والثقافة المحلية الفلسطينية، مما يقدم نظرة عميقة إلى الماضي ويضيء الحاضر.
كما يجسد هذا البيت أجواء البيت الذي وُلد فيه السيد المسيح، مصححًا التصورات الخاطئة التي التصقت بقصة وظروف الميلاد.
حضر الحفل العديد من الشخصيات، بمن فيهم الوزير هاني الحايك وعدد من طاقم الوزارة، والمطران بولس ماركتسو والمطران إيلاريو من البطريركية اللاتينية في القدس، بالإضافة إلى الأب داود خوري، راعي كنيسة الروم الأرثوذكس، والأب الأرشمندريت جاك عابد، راعي كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك، والأخوات الراهبات. كما شارك رئيس بلدية الطيبة السيد سليمان خورية، والدكتور وليد حمدان، نائب محافظ محافظة رام الله والبيرة، والسيد عوض دعيبس ممثلًا عن صندوق الاستثمار الفلسطيني، والمدير التنفيذي للبطريركية اللاتينية في القدس السيد سامي اليوسف، ومدير كاريتاس القدس السيد أنطون أصفر. وممثلون عن الأجهزة الأمنية ومؤسسات المجتمع المدني، إلى جانب أعضاء المجلس البلدي وممثلي مؤسسات البلدة وأبناء البلدة.
وقام الوزير الحايك بمشاركة الحضور في افتتاح "بيت الأمثال"، حيث رافقهم سند ساحلية في جولة داخل البيت، موضحًا لهم القيمة الثقافية والتراثية والروحية لهذا الموقع في السياق الفلسطيني. وقد أدارت نتالي معروف حفل الافتتاح، وكانت إذاعة "نبض الحياة" هي الراعي الإعلامي للحفل.
وزير السياحة والآثار
وقال الوزير هاني الحايك في كلمته: إن انتماءنا لهذا الوطن يتجلى في إنشاء مراكز مثل "بيت الأمثال". هذا البيت يمثل الطريق الذي نسير فيه من أجل الحفاظ على السردية الفلسطينية والأرض الفلسطينية. إنه يثبت تاريخنا وآثارنا الحقيقية.
وأضاف: "منذ أن توليت منصب وزير السياحة والآثار قبل سبعة أشهر، لم أرَ أي دليل على وجود آثار تدل على حق غير الشعب الفلسطيني في هذه الأرض. هذه أرض فلسطينية مقدسة وستبقى فلسطينية.
وتابع الوزير: نحن نعيش في ظروف صعبة، وربما ستزداد صعوبة في الأيام القادمة. لذا، يجب علينا أن نحافظ على تماسكنا وترابطنا ووحدتنا لنتمكن من تجاوز هذه العاصفة الشديدة. نحن نواجه تحديات كبيرة، ولكن بصبرنا وتحملنا وبعد نظرنا، سنتمكن من الصمود. نحن نواجه حكومة متطرفة تسعى لطرد الشعب الفلسطيني من أرضه، ولكننا سنظل نطالب بحقوقنا. "بيت الأمثال" هو شاهد حي على تاريخنا وحقنا في هذه الأرض.
رئيس بلدية الطيبة
من جانبه، رحب رئيس بلدية الطيبة، سليمان خوريه، بالحضور، معبرًا عن شكره لكل من دعم وساهم في ترميم "بيت الأمثال". وأكد أن هذه البصمة الجميلة التي وُضعت في الطيبة بترميم هذا البيت، تمثل إنجازًا مهمًا يعكس الجهود الكبيرة التي بذلتها وزارة السياحة والآثار وصندوق الاستثمار الفلسطيني. كما أكد خوريه على أهمية التعاون والتكاتف، مشددًا على دور المجتمع المحلي في حماية والحفاظ على هذه المواقع التراثية المهمة. وختم قائلاً: "نأمل أن تستمر هذه الجهود في تعزيز التراث الفلسطيني وتوحيد الجهود للحفاظ على تاريخنا وهويتنا.
الاب بشار فواضله
وفي كلمته، قال الأب بشار فواضله، راعي كنيسة اللاتين في الطيبة: "عندما أقف أمام هذا البيت القديم، تتجلى أمامي قيمة هذا المكان وتاريخه العريق. عندما زرت هذه الرعية لأول مرة قبل أكثر من 15 عامًا، كان هذا البيت بمثابة المنارة التي اهتديت بها، فهو مميز بأمثال السيد المسيح التي تنبعث منها رائحة التراث الفلسطيني وتحمل في طياتها تعاليمه. لقد استوحى السيد المسيح أمثاله من المجتمع والأرض التي عاش فيها، وقد وُلد في نفس البيئة التي نحن منها وفي ظروف مشابهة لما نحن عليه الآن.
وأضاف: "في هذا البيت، نجد صولات وجولات المرأة الفلسطينية التي كانت تكنس هذا البيت القديم، باحثة عن درهمها المفقود وبانية لبنات مجتمع يحمل أمل المستقبل وحلم الدولة والحرية التي لا حدود لها. وعند ساعات الضيق التي لا نعرف عمقها إلا في لحظات الفراق، أي عندما يسرقنا الموت بسبب الاحتلال وإجراءاته العنصرية، يبرق هذا البيت ببريقه من جديد ليقول لنا من أين بدأ كل شيء."
وأوضح الأب بشار قائلاً: "عندما ندخل هذا البيت، سنلاحظ أدوات مميزة استخدمت منذ أكثر من 350 عامًا، وكذلك سنشاهد شهادة ميلاد لشخص عاش في هذا البيت، هو السيد عيسى ياس جريس ثلجي من مواليد عام 1878."
وأشار إلى أن أبناء الطيبة يعيشون معًا بمحبتهم لبلدهم وانتمائهم لترابها. "نعمل معًا ونجني ثمار نجاحنا وفشلنا معًا، ونعلم أن لحظات الفشل هي نجاحات لأنها تعلمنا. نحن نعمل في هذه الكنيسة، في المدرسة، في إذاعة نبض الحياة، في بيوت الضيافة، في بيت الأمثال، في بيت المسنين التابع للبطريركية اللاتينية، وفي مركز كاريتاس. نأمل أن نشجع ونثبت الشباب الفلسطيني للبقاء في أرضه، وقد خلقنا أكثر من 25 فرصة عمل خلال سنة كاملة في بيت الضيافة، في المدرسة، وفي جميع المشاريع التي قامت بها الرعية خلال الأشهر الماضية."
وتابع: "نحتاج دائمًا إلى أن نكون متكاتفين معًا، ونعتمد على حكومتنا ووزاراتنا، وكذلك صندوق الاستثمار وجميع الأشخاص الذين يعملون معنا يدًا بيد من أجل بناء هذه البلدة والحفاظ على خصوصيتها."
وفي ختام كلمته، وجه الأب بشار الشكر لكل من ساند وعمل وساهم في إخراج هذا البيت بأحلى صورة، بما في ذلك وزارة السياحة والآثار، والعاملين فيها وصندوق الاستثمار الفلسطيني، وجميع الأشخاص من الطيبة الذين ساعدوا في جعل هذا الحلم حقيقة.
بيت الأمثال
هو بيت فلسطيني تقليدي يعود تاريخ بنائه إلى أكثر من 350 عامًا. هو أكثر بكثير من مجرد متحف يعرض أدوات تقليدية! إنه سرد ديناميكي يوضح إرثاً ثقافياً وروحياً عميقاً. هنا، تتلاقى روايات الكتاب المقدس وأمثال يسوع المسيح مع جوهر التراث المسيحي الفلسطيني والثقافة المحلية، لتقدم نظرة ثاقبة للماضي وتضيء الحاضر! هذا البيت يجسد أيضاً أجواء البيت الذي وُلد فيه السيد المسيح، مصححاً التصورات الخاطئة التي التصقت بقصة وظروف الميلاد.
في الواقع، ذكر الإنجيل أن مريم ويوسف لم يجدا مكاناً في "الكاتاليما" (κατάλυμα) والذي يُترجم إلى "مبيت" أو "نزل"، مما اضطرهم للإقامة في مكان للماشية (الحظيرة) حيث وُلد يسوع المسيح ووُضع في "المذود" (Fatne) (φάτνη). يعكس هذا البيت الأجواء الحقيقية التي رافقت ولادة السيد المسيح، مما يساعد على فهم ظروف الميلاد بشكل أفضل. في هذا السياق، نجد في إنجيل لوقا 7:2 "فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي مِذْوَدٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي المَضافة".
من خلال تسليط الضوء على هذا التراث، يوفر "بيت الأمثال" للزوار فرصة لتجربة بيئة تشبه تلك التي عاش فيها السيد المسيح، مما يعمق الفهم الروحي والتاريخي لقصة الميلاد. تصميم المنزل مذهل للغاية! فهو يعكس الهيكل التقليدي للمساكن الفلسطينية وطراز المنازل في زمن يسوع المسيح. في بيت مشابه لهذا البيت، وتحديداً في الحظيرة (قسم الحيوانات)، وُلد يسوع المسيح!
هذا المكان يبعث الحياة في قصص الأجداد من خلال أدواتهم اليومية، من المحراث الذي كان يحرث الأرض بجهد المزارع إلى الجِرار التي كانت تحفظ زيت الزيتون النقي.
تمتلئ "الخوابي" (الصوامع) بكنوز رائعة من الحقول، حيث تعرض التراث الزراعي والثقافي والروحي الغني للمنطقة. فكل حبة قمح أو شعير أو تين أو لوز هي شهادة على العمل الجاد والتفاني من قبل الناس الذين زرعوا هذه الأرض لأجيال متعاقبة، مما يضمن مصدر غذاء موثوق لعائلاتهم.
علاوة على ذلك، كان المزارع الفلسطيني يعتمد على تربية الحيوانات التي كانت تشكل جانباً لا غنى عنه في حياته اليومية. فقد كانت الحيوانات توفر القوت وتساهم في القوة العاملة، وتقيم مع المزارع في نفس المسكن وتشاركه في تفاصيل الحياة اليومية، مما يعزز ارتباطه بالأرض.
في "بيت الأمثال" يتحول المكان إلى مركز تعليمي نابض بالحياة، يربط بين الجذور الروحية والتراث الثقافي، ويمزج بين الحكمة القديمة والمعرفة الحديثة.
نوجه دعوة للجميع للانغماس في هذه التجربة المميزة، لاكتشاف جمال وتنوع التراث العربي والفلسطيني المسيحي، والتعرف على قصص الأمل والإيمان التي صمدت عبر العصور. في "بيت الأمثال" كل زاوية من زواياه تنبئ عن حكاية، وكل جدار يحمل علامات الزمن وعبق التراث الثمين.
عن " نبض الحياة"
No comments:
Post a Comment