آية اليوم

Post Top Ad

Your Ad Spot

Sunday, December 17, 2023

تأملات تساعية الميلاد - اليوم الثالث

 


موقع الفادي

أعدّها الأب فارس سرياني :

 

﴿وَلَدتْ مَريمُ ابنَهَا البِكر﴾ (لو 7:2). بهذِهِ العِبَارَة، يُخبِرُ الإنجيليُّ لُوقَا، عَنِ الحَدَثِ العَظيم، الَّذي سَبَقَ وأنْبَأَ بِهِ النَّبيُّ أَشعيَا، قَائِلًا: ﴿ها إِنَّ الصَّبِيَّةَ تَحمِلُ فتَلِدُ آبناً وتَدْعو اسمَهُ عِمَّانوئيل﴾ (أش 14:7). وَهُوَ مَا تَحقَّقَ في مِيلادِ الْمَسيحِ، اللهِ الّذي ظَهَرَ في الجَسَد. يَصِفُ لُوقَا الطِّفلَ بِ "البِكر". وفي سِفرِ الخُروج (22:4)، يُسَمّي اللهُ إسرائيلَ "اِبني البِكر". وهذَا الاسمُ يُعبِّرُ عَنِ الاصطِفَاء، وعَنِ الكَرامَةِ الفَريدَة والحُبِّ الَّذي خَصَّ بهِ اللهُ الآبُ شَعبَهُ. والكَنيسَةُ أَيضًا بِأعضَائِهَا، صَارَتْ للهِ ابنًا وَجماعَةً مِنَ الْمُختَارِين، لِأنَّ اللهَ قَدْ تَبَنَّانَا بِيَسوعَ الْمَسيح. ومِنْ خِلالِهِ، حَصَلنا عَلَى هِبَةِ الرُّوحِ الّذي: ﴿بِه نُنَادي أَبًّا يا أَبَتِ! وهَذَا الرُّوحُ يَشْهَدُ مَعْ أَرواحِنا بِأَنَّنا أَبناءُ الله﴾ (رو 15:8-).

 

تُسَمّي الرِّسَالَةُ إلى العِبرانِيّين يَسوعَ بِ "البِكْر". فَهوَ ابنُ اللهِ الْمُرسَلِ إلى العَالمِ نِعمَةً وفِدَاء. ولِأنَّهُ البِكرُ فَهُوَ الذَّبيحَةُ أَيضًا، الَّذي بِهِ تَمُّ صُلْحُنَا مَعِ اللهِ أَبينَا. فَفِي ذَبيحَتِهِ عَلَى الصَّليب، يُقَدِّمُ يَسوعَ البَشَريّةَ إلى الله أَبيهَا، ويُعيدُ الاتّحادَ الّذي مَزَّقتهُ الخَطيئة، بَينَ اللهِ والإنسَان، بينَ الآبِ وبَنيه.

 

وبُولُسُ في رسائِلِهِ تَحدَّثَ عَنْ لاهوتِ "يسوعَ الابنِ البِكر". فَقَالَ في الرّسالةِ إلى أَهلِ قُولِسّي: ﴿هُوَ صُورَةُ اللهِ الَّذي لا يُرى، وبِكْرُ كُلِّ خَليقَة. فَفيهِ خُلِقَ كُلُّ شيَء... هوَ البَدْءُ والبِكْرُ مِنْ بَينِ الأَموات. فَقَدْ حَسُنَ لَدى الله أَن يَحِلَّ بِه الكَمَالُ كُلُّه. وأَنْ يُصالِحَ بِهِ ومِنْ أَجلِه كُلَّ موجود. وقَد حَقَّقَ السَّلامَ بِدَمِ صَليبِه﴾ (قول 15:1-20). فَيَسوعُ الْمَسيحُ هُوَ البِكرُ، أَي هُوَ الْمِثالُ الأصلِيّ، والصُّورَةُ الحَقيقيَّةُ للإنسَان، فَعَلَى مِثَالِ يَسوعَ الإلهِ والإنسان، يَجِبُ أَنْ يَصيرَ الإنسَانُ ابنًا لله.

 

في القِيامَةِ أيضًا، غَدَا يسوعُ بِكرَ القَائِمينَ مِنْ بَينِ الأموات. لَقَدْ اقتَحَمَ جِدَارَ الْمَوتِ، وفَتَحَ لَنَا بَابَ القِيَامَة، ومَهَّدَ الطَّريقَ نحوَ الأبَديَّةِ والشَّركَةِ الدَّائِمَةِ مَع الله. هُوَ أَخونَا البِكر، الّذي يَخلِقُ بَينَنَا الأُخُوَّةَ الحَقَّة، القائِمَةَ عَلى الْمَحبَّةِ والإيمانِ الوَاحِد. لا تِلْكَ الأُخُوّةَ الّتي عَكَّرتها الخَطيئَةُ، وأَفْسَدَهَا الحَسَدُ والبُغضُ بَينَ قَايينَ وهَابِيل، بَلْ الأُخُوَّةَ الجَديدَةَ الّتي نَكونُ نحنُ فِيهَا عَائِلَةَ الله.

 

فَيَسوعُ بِكرُنَا، هُوَ رِباطُ وَحدَتِنَا، وَسَبَبُ لُحمَةِ هَذهِ العَائِلَةِ الكَبيرَة. هذهِ العَائِلَةُ الجَديدَة، عائِلَةُ اللهِ والبَشَر، تَبدَأُ في الّلحظَةِ الّتي فِيهَا، تَلُفُّ مَريمُ يَسوعَ بِكرَها ووَحيدَها بالّلفَائِفِ، وتَضَعُهُ في الْمذوَدِ، وتُقدِّمُهُ لإخوتِهِ البَشر، في شخصِ يُوسُفَ والرُّعاةِ والْمَجوس.

 

No comments:

Post a Comment

Post Top Ad

Your Ad Spot